الجمعة، ٢٤ أغسطس ٢٠٠٧

جـــوانــا



فلتستبح عيونكم الجسد وتطلق عقولكم نصف الواعية أفكارها الثملة لتعبث بتضاريسة الشهية .. مفعمون بأمنية استدراجة خارج البار لتقيموا معه علاقة محمومة .. ضعفكم يفتش عن ضعفه .. عن خلوة تباح فيها المسافات العصية .. وجوانا تخبئ ضعفها عند الحد الفاصل بينها وبين الفجيعة .

ارفعوا الكؤوس نخبا لها أو لا ترفعوها .. فاليوم تكمل جوانا ثلاثين ألما .. ثلاثين حزنا .. ثلاثين حرقة .. ثلاثين انكسارا .. لن تكتفي بتقديم زجاجات الفودكا والبراندى وغيرها ستزيد من ظل ابتسامتها .. وتنحنى على طاولاتكم لتملأ الكؤوس كلما تجرعتموها .. ولن تبالى بعيونكم حين ترعى فى صدرها .. فاليوم تكمل جوانا ثلاثين عاما ..
ستكون أكثر احتمالا لتحرشاتكم الصريحة , وتغاضيا عن كلماتكم العارية .. ستكون أكثر رقة معكم ؛ فاليوم تألفكم عن كل يوم .. فهل تكونون ودعاء معها وقلوبكم أرق ولو لليلة واحدة ..؟! أم قلوبكم تشابهت بقلب المدينة القاهرة ؟! .
إنكم ترونها مجرد عاهرة ككل ساقيات البار .. تمر عليكم من بداية الليل حتى منتهاه ثم تنطلق نحو بيتها .. تعد الإفطار .. تعين كريم وجاسمين على ارتداء ملابسهما .. تؤكد على محتويات حقيبتيهما .. تمسك بيديهما وتخرج مسرعه نحو مدرستهما .. عند الباب تضمهما .. تقبلهما .. يلوحان لها حتى يغيبا عن عينيها داخل المدرسة .. يستسلم جسدها للإرهاق والتعب .. يداعبها النعاس تغالبه وهى تشترى حاجيات البيت .. تتمدد الطريق تحت قدميها .. تشعر باستطالة المسافة بينها وبين الفراش .. كل يوم نفس المعاناة للوصول للفراش .
أى وقت يتسع للبغاء .. ؟!
تبدل ملابسها .. تتأكد من أن مؤشر المنبه مضبوط كما هو .. ترتمى على الفراش .. لاتشعر بحركة أمها أثناء ترتيب المنزل أو حتى عندما تدخل الغرفه لتطمئن عليها .. عند الواحدة ظهرا يفزعها صوت المنبه .. تنهض وهى حانقة على المنبه و أصحاب العمل ؛ لعدم تغاضيهم عن تغيبها أوقات توصيل طفليها للمدرسة وإعادتهم للبيت .. وحانقة على الشيخوخة التى أعاقت أمها عن تولى هذا الأمر عنها , تلقى التحية على أمها وهى عائدة من الحمام .. تدخل غرفتها .. ترتدى ملابسها دون اعتناء .. تهرول نحو الشارع .. كل بضعة دقائق تنظر إلى ساعتها ... تقطع المسافه فى وقت أقل من وقت التوصيل صباحا .. تصل إلى المدرسة لحظة خروجهما .. تحتضنهما .. تقبلهما .. يمسكا بيديها ليعودوا إلى المنزل .
أى وقت يتسع للبغاء .. ؟!
تشاركهم الغداء ثم تدخل غرفتها لتنام ، وتستيقظ عند السادسة .. تساعد جاسمين وكريم فى تأدية فروضهما المدرسية ثم تدخلهما فراشهما ليناما .
عند التاسعه تكون قد أكملت تأنقها .. تودع أمها وتخرج للعمل متبوعة بدعواتها الممزوجة بالمرارة ! .. قبل العاشرة تتسلم عدد من الطاولات لتتولى خدمة من سيجلسون حولها .
أى وقت يتسع للبغاء .. ؟!
فى بداية الليل يعتقد زبائن البار أنك بعدما تقدمين لهم الويسكى والبراندى والأيزو والفودكا ؛ ستقدمين لهم جسدك يا جوانا وحين يستفيقون من سكرتهم ويكتشفون أن جسد جوانا لم يزاحمهم فى الفراش تأكلهم مووايل الغضب ويرفضون أن تكونى عليهم عصية ؛ فيعاودوا فى المساءات التالية نصب الأكمنة .. يدسون الكلام المنمق فى أذنيك وبعض النقود فى يديك مع قصاصات ورق مكتوب عليها أرقام هواتفهم .
كنت أرى ذلك فيرجمك قلبى .. حتى جئت إلى طاولتنا بالمشروبات وتبادلت معك الكلام مرات ومرات حتى صارت روحك تؤلم روحى .. أسألك اللقاء نهارا ؛ فتقولين الليل لكم والنهار لى .. والجمعه يوم عطلتك ؟ ، إنه يوم نزهة كريم وجاسمين .. اليوم أود أن أقرأ عليك قصيدة كتبتها فيك .. وقصة قرأتها عنك .. وأخبرك بأن روحك تؤلم روحى يا جوانا .. فأى وقت يتسع للكلام ؟!!.

هناك تعليقان (٢):

dr.Roufy يقول...

وروحك تؤلم روحي
فأي وقت يتسع للكلام!؟

ما أهى كلماتك..وأعذب سردك
الذي يسحب الروح الى مدارات الألم اللانهائية

تحياتي:)

غير معرف يقول...

ما اجمل تواصلك مع النص واجملتعليقك
شكرا ولك كل مايحمل القلب
مشالى